تلعب الغدد اللعابية دورًا محوريًا في الفم والجهاز الهضمي، فهي ليست مجرد أعضاء صغيرة تفرز اللعاب، بل عناصر حيوية تساهم في تسهيل عملية الهضم، والحفاظ على صحة الفم والأسنان. ورغم صغر حجمها، إلا أن اضطراباتها قد تُسبب مشاكل مزعجة تؤثر على جودة الحياة. في هذا المقال، نستعرض بشكل مبسط أماكن تواجد الغدد اللعابية، ووظائفها، وأشهر الأمراض التي قد تصيبها، وكيف يمكننا العناية بها.
أماكن تواجد الغدد اللعابية
تتواجد الغدد اللعابية بأعداد كبيرة في الفم ، حيث ان الجسم يضم ما بين 750 إلى 1000 غدة لعابية ثانوية صغيرة، بالإضافة إلى ثلاث أزواج رئيسية أكبر حجمًا تُعد الأكثر أهمية، وهي:
- الغدد النكفية (Parotid glands):
تُعد الأكبر حجمًا بين الغدد اللعابية، وتقع أمام الأذنين على جانبي الوجه. تنقسم كل غدة إلى فصين: فص سطحي قريب من مقدمة الرقبة، وآخر عميق يقع داخل الأنسجة، ويُفصل بينهما العصب الوجهي. - الغدد تحت الفك السفلي (Submandibular glands):
يوجد منها زوجان، وتقع أسفل الفك السفلي، أسفل الذقن مباشرة وتحت اللسان. وتُعد هذه الغدد مسؤولة عن إنتاج نسبة كبيرة من اللعاب اليومي. - الغدد تحت اللسان (Sublingual glands):
تقع أسفل اللسان، وهي الأصغر من حيث الحجم بين الغدد الرئيسية الثلاث، لكنها تفرز لعابًا مهمًا للمساعدة في ترطيب الفم.
أما الغدد الثانوية فهي منتشرة في أماكن متعددة، مثل الشفاه والخدود وسقف الحلق والبلعوم الأنفي والأنف، وتعمل هذه الغدد على ترطيب أجزاء مختلفة من الفم بشكل مستمر.
الوظائف الحيوية للغدد اللعابية
الوظيفة الأساسية لهذه الغدد هي إنتاج اللعاب، والذي يؤدي أدوارًا متعددة تتخطى مجرد ترطيب الفم، منها:
- المساعدة في الهضم: اللعاب يحتوي على إنزيم الأميليز، الذي يبدأ في تكسير النشويات منذ لحظة دخول الطعام إلى الفم.
- ترطيب الطعام: مما يسهل عملية المضغ والبلع، ويقلل خطر الجروح أو التهابات اللثة أثناء الأكل.
- الحماية من البكتيريا: إذ يحتوي اللعاب على أجسام مضادة تساعد على منع الالتهابات والعدوى.
- تحسين النطق: وجود اللعاب يساهم في سهولة حركة اللسان، وبالتالي وضوح النطق.
- منع تسوس الأسنان: من خلال معادلة الأحماض وتنظيف الفم بشكل طبيعي.
أبرز المشاكل الصحية التي قد تصيب الغدد اللعابية
رغم كونها غدد صغيرة، إلا أن أي خلل فيها قد يؤدي إلى أعراض مزعجة، ومنها:
1. انسداد قنوات الغدد اللعابية
أحد الأسباب الشائعة لتورم الغدد، وهو نتيجة تكون حصى صغيرة تُعيق مرور اللعاب، مما يؤدي إلى انتفاخ وألم في الغدة، خاصةً بعد تناول أطعمة تحفز إفراز اللعاب مثل الليمون. أحيانًا يكون الانسداد ناتج عن التواء في القناة أو تضيق في المسار.
2. التهاب الغدد اللعابية
قد تحدث العدوى نتيجة تراكم اللعاب داخل الغدة بفعل الانسداد، أو بسبب ضعف تدفق اللعاب، مما يخلق بيئة مناسبة للبكتيريا. تظهر الأعراض في صورة تورم، ألم، حمى، قشعريرة، وفي بعض الحالات يتكون صديد.
تُعد الغدد النكفية الأكثر عرضة للالتهاب، خصوصًا لدى كبار السن أو من يعانون من جفاف الفم، أو من خضعوا للعلاج الإشعاعي أو الكيميائي.
3. أورام الغدد اللعابية
قد تظهر بعض التورمات غير المؤلمة داخل الغدد، وفي بعض الحالات تكون الأورام خبيثة، وتنمو بسرعة، وقد تؤثر على حركة عضلات الوجه.
4. خلل في الإفراز (جفاف الفم)
يُعرف طبيًا بـ Xerostomia، ويؤدي إلى صعوبة في الأكل والتحدث، وزيادة احتمال تسوس الأسنان. ويرتبط بعدة عوامل منها:
- الإصابة بأمراض مزمنة مثل الذئبة، الروماتويد، أو فيروس نقص المناعة.
- استخدام أدوية مثل المهدئات، مضادات الاكتئاب، أدوية الحساسية.
- تلقي علاج كيميائي أو إشعاعي يؤثر على إفراز الغدد.
كيف نحافظ على صحة الغدد اللعابية؟
لضمان أداء الغدد اللعابية لوظيفتها بشكل جيد، يُنصح باتباع التالي:
- شرب كميات كافية من المياه يوميًا.
- تقليل تناول الأطعمة المالحة جدًا أو الحارة.
- تجنب التدخين والمشروبات الكحولية.
- مراجعة الطبيب عند الشعور بجفاف مستمر أو ألم في الوجه.
- الحفاظ على نظافة الفم بالفرشاة والخيط، وزيارات دورية لطبيب الأسنان.
الغدد اللعابية ليست فقط جزءًا صغيرًا من الفم، بل هي عنصر أساسي في صحة الجهاز الهضمي والمناعي. وأي اضطراب فيها قد يُسبب تأثيرًا مباشرًا على الراحة اليومية، بدايةً من التحدث والأكل، وحتى حماية الفم من الالتهابات. لذلك، يجب الانتباه لأي تغيرات غير طبيعية، وطلب الاستشارة الطبية فورًا عند ملاحظة الأعراض.